الكاتب: مروان عدنان
((زواج القاصرات وفوبيا التكاثر
البشري))
لم يكن غريباً
تقرير «اليونيسف»، الصادر في كانون الثاني (2018م) عن اليمن، والذي يشير إلى أكثر من
ثلاثة ملايين مولود في اليمن فقط، منذ اندلاع الأزمة في آذار(2015م). في أيام أزمة
التحول السياسي في مصر، وهيمنة المجلس العسكري على مقاليد الحكم، بعد إزاحة محمد
مرسي وحكم الإخوان المسلمين، فرض المجلس المذكور حظراً مسائياً على التجوال، يوجب
على المواطنين التزام منازلهم مع حلول المساء، مقدم البرامج الساخر باسم يوسف،
سخر على طريقته وقتها من حظر التجوال، وقال: "إنَّ ملازمة الرجال لزوجاتهم
سيتسبب بتكاثر المصريين". تعليق يوسف على طرافته، يشكل طرفة منطقية، على
الأقل هو قال رأياً في حظر التجوال، فريداً بين الآراء التي قيلت فيه، من قبل
محللين سياسيين، أو اقتصاديين وغيرهم؛ إذ نشرت صحيفة أمريكية تقريراً حذرت فيه من
عطل الأعياد، وسببها في زيادة المواليد حول العالم.
في العراق، أعادَ بعض
النواب، ضجة طرح تعديل قانون الأحوال الشخصية، والذي سيسمح بزواج القاصرات دون سنِّ
الثامنة عشر، ورغم الكمّ الهائل من
معارضة الطرح، من ناشطين، وكتّاب، ورجال قانون، ومثقفين، وسياسيين ...، إلّا أنَّ اعتراض
البنك الدولي، هو الرأي الفريد بين جملة الاعتراضات.
التقارير الاقتصادية
للبنك الدولي، تربط بين التنمية وعدد السكان باستمرار؛ فهو يحذر من خسائر هائلة في
الدول النامية، تصل إلى تريليونات الدولارات، بحلول (2030م)، وذلك بسبب زواج القاصرات؛ وبالتالي فإن منع زواج الأطفال، ستكون له آثاراً إيجابيةً على التحصيل
العلمي للبنات، وأطفالهن في المستقبل. إذ تذهب تقديرات البنك، أن الفتاة إذا تزوجت في سن (13) عاماً، ستنجب
في حياتها عدداً من الأطفال، يزيد بنسبة (26%)، عما لو تزوجت في سن (18) أو بعده. مما يعني أن منع زواج القاصرات، سيقلص معدلات الخصوبة الإجمالية،
بنسبة (11%) في المتوسط في تلك البلدان، ومن ثم سيؤدي إلى انخفاض كبير في معدلات
النمو السكاني بمرور الوقت.
الآراء المثيرة حول
النمو السكاني، وفوبيا التكاثر البشري، لدى الكثير من المفكرين، لا تقف عند حدٍّ؛
إذ تعتبر آراء «توماس مالتوس»، الأكثر تطرفاً، فهو يقول: "إن عدد
السكان، يتزايد وفق متوالية هندسية (...8،4،2،1)، بينما يتزايد الإنتاج الزراعي،
وفق متوالية حسابية (4،3،2،1)، مما يؤدي إلى نقصٍ حتمي، في الغذاء والسكن". يرى
(مالتوس): "أن السكان قادرون على المضاعفة، مرّة كل (25) عاماً، إذا
لم تقم عقبات تحول دون ذلك، أما الإنتاج الزراعي، فإنه لا يستطيع مواكبة هذه
الزيادة". وبالتالي، فإنَّ من لا يستطيع زيادة الخبز، سيعمل على تقليل
الجالسين على المائدة، بحسب تعبير «إدواردو غاليانو»، في كتابه "الشرايين المفتوحة لأمريكا اللاتينية".
«توماس
مالتوس»، يعتقد بضرورة تدخل عوامل خارجية، من شأنها إعادة التوازن، بين نمو
السكان، ونمو الغذاء.
وهذه العوامل، تتكون مما أسماه بالموانع الإيجابية، وهي على نوعين (موانع
قهرية) مثل: الحروب، والمجاعات والأوبئة، وأخرى (وقائية) مثل: تأجيل
الزواج بسبب الفقر، أو اللجوء إلى الرذيلة، ويطلق عليه (العلاقات الجنسية خارج
الزواج)، والتوعية بوسائل منع الحمل، وجعلها متداولة...، كما يوصي بعدم زيادة
أجور العمال، لإبقائهم في الفقر، لكيلا يتزوجوا مبكراً.
الخطورة في آراء (مالتوس)،
تكمن في تبنيها من قبل اللوبيات اليمينية، في أمريكا، وأوربا، وبالتالي نفهم جدوى
إشعال الحروب، وإثارة النزاعات، والدفع باتجاه الفوضى، التي تضعف الاقتصاد، وتشجع
على قيام المذابح الأهلية؛ في مقابل ذلك، نلاحظ أن الأنظمة التي لديها أعداء، وتجد
نفسها بحاجة إلى الدخول في حروب، لإثبات الذات والبقاء، تشجع على التكاثر، لغرض
التجنيد مستقبلاً، أي أنَّهم يولدون "منذورين" للحرب مسبقاً،
وهذا ما يجري في الدول الفقيرة، التي تعاني اضطرابات، فإن تجنيد الأطفال، وحملهم
السلاح، من الأمور الطبيعية. غير هذا،
بقي العراق يغضب القائمين على سياسة البنك الدولي، بعدد العطل الرسمية، وهذا يعني
جلوس الرجال إلى زوجاتهم، جلوساً رومانسياً، يفضي إلى ما يتسبب بنقصان الغذاء
العالمي!، كذلك دعوة النائبة البرلمانية «جميلة
العبيدي» الرجال، إلى الزواج بأربع نساء، ودعوتها النساء، إلى قبول مشاركة
أزواجهن، مع سيدات أخريات. كما يدخل
في السياق ذاته، إجازة "الأمومة"، التي تنمح لموظفات القطاع
العام؛ إذ تعتبر من عوامل التشجيع على الإنجاب، بل هي أقرّتْ لهذا الغرض، إبّان
الحرب العراقية الإيرانية، وأمدها عامٌ كاملٌ، وبمرتبٍ تامّ، وهو نادر الحدوث في دولٍ
أخرى، وكذلك في كثير من الأوقات، تمنح الدولة قروضاً مصرفية ميسّرة، لمساعدة
المقبلين على الزواج.
قد يكون رأي البنك
الدولي، رأياً علمياً، لكنه لن يكون رأياً مقبولاً في النهاية، للثقافتين الدينية،
التي تنطلق من الآية القرآنية: {وَلَا
تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ ۖ نَّحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ
ۚ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا}. (الإسراء/31)، والإملاق هنا، هو "الفقر". ولو
عدنا إلى تقرير اليونيسف عن اليمن، فلن نجد ما يدعو للاستغراب، ولا هو خللٌ في
الطباع؛ فإنّ الأسر الفقيرة، هم من ينجب الكثير من الأبناء، بخلاف الأسر الثرية
والميسورة، التي تتجلّى رؤيتها بإنجاب طفلٍ واحدٍ، أو اثنين، ثمّ الاهتمام
بتربيتهما تربية ممتازة، أي النوع على حساب الكم، وقد حاول الغرب، محاربة هذا بوسائل
عديدة، وإشاعة إنَّ الفقرَ سببه التكاثر، فقد شاع كاريكاتور غربي لمتسولة، تسحبُ
خلفها عدداً من الأبناء، تمدّ يدها لـ (سيدة مجتمع)، إذ تقدم لها الأخيرة (واقياً
جنسياً) بدلاً من النقود.
إن إنجاب أكبر عدد من
الأطفال، يعتبر ضرورة كالنكتة، للشعوب المقهورة، وكالشاي، وقرص الأسبرين، ورغيف
الخبز، يذكر «غاليانو» في كتابه المذكور: "إنَّ ما يفيض عن الحاجة في حقيقة الأمر هم
البشر، والبشر يتكاثرون، يمارسون الحب بحماس، ودون احتياطات".
ويشير إلى البعثات الأمريكية الشمالية التي كانت تقوم بتعقيم النساء
على نطاق واسع، وتنشر حبوباً وأغشية وعوازل مطاطية، وتقاويم ذات علامات، لكنها
تحصد في النهاية أطفالاً.
#مروان_عدنان
#اتحاد_الشباب_العراقي_لكتاب_المقالات
نبذة بسيطة عن الكاتب:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الاسم الكامل: مروان عدنان.
الولادة
ومحلها: (1985م) / العراق/ العاصمة بغداد.
التحصيل
الدراسي: بكالوريوس تقنيات معلوماتية/ الكلية التقنية الإدارية/ بغداد.
الحالة الاجتماعية: متزوج.
السكن الحالي: بغداد.
زواج القاصرات وفوبيا التكاثر البشري
4/
5
Oleh
حسين أكرم غويلي
شاركنا بتعليقك المميز فهو يشجعنا ويساعد على الاستمرار