احدث المقالات

عراقُ الحضاراتِ سَيبقى وطني

"عراقُ الحضاراتِ سَيبقى وطني " مقال بقلم " حسين أكرم غويلي "       أعلم بأن ما سأكتبه لن يُغير شيئاً مم...

27‏/10‏/2018

وظيفة الكاتب العصري

الكاتب: عُبيدة عصام



"وظيفة الكاتب العصري"

      في كل مكان، دائماً يكون هنالك من الظواهر والحقائق ما يستحق أنْ يُكتبَ فيها، ومع ذلك يتم التغاضي عنها وتجاهلها عمداً، أو خوفاً، أو تجنباً للتبعات والمشكلات بأنواعها.

        لقد آمنت منذ صغري بأنَّ الكاتب يجب أنْ يعتبر قلمه وما يكتبه سيفاً يزيح بطرفه الناعم المسالم أو الحاد الجارح -إن تطلب الأمر- عوالق الجهل وتراكمات التخلف المتمثلة بتلك الأفكار المنغلقة على نفسها المنعزلة عن حالة التغير في الخارج. إنَّ هذه العملية تتطلب دوماً شجاعةً وإرادةً وإصراراً على المواصلة؛ لأنها ستصطدم دوماً بردات الفعل من المتضررين، والذين سيدافعون عن أفكارهم الموروثة وغير الموروثة كدفاع أمريكا عن إسرائيل.

       إنَّ الكاتب الفنان ينصهر بكامله في مجتمعه، ويتوغل لآخر نقطة في نفسية المحيط ويختزله بأكمله في شخصه ليعبر عنه على الورقة ساعة المواجهة واقصد بها ساعة الكتابة.
     إنَّ الكاتب الماهر اليوم هو الذي يتناول ما لا يتم تناوله في وسائل الإعلام المدفوعة، أو الموجهة، أو المنتمية.
الكاتب الحقيقي يفتش في خبايا أحاديث الناس ويقرأ ما خلف ابتساماتهم وتعليقاتهم واهتماماتهم ويفسر ويؤول ويستنتج كل شيء ليخرج بقيمة تصدم العقل الواعي وغير الواعي وتقيم عليه الحجة بما خرج منه.
الكاتب اليوم في بداياته سيكون دائماً أمام تحدي الانتماء، الانتماء لمؤسسة مع توفير المقابل المادي الذي دفعه بالأصل لدخول هذا المجال الشائك، أو الابتداء مستقلاً مع تحمل تبعات قراره والتي قد تتضمن الانتظار طويلاً. فالانتماء لمؤسسة مستقلة بالمعنى التام عن أي إيديولوجية لها علاقة بالدين أو السياسة أمر بالغ الصعوبة، فهي اليوم بندرة الأمطار في صحراء أفريقيا.
الكاتب العربي اليوم ينشأ في بلدان عُرف عنها إنها لا تقرأ، لكنها مجرد حالة آنية وقتية، لها مسبباتها وستزول حال زوال تلك الأسباب.
الكاتب العربي في الجانب الآخر سيجد نفسه أمام حيرة الاختيار والمفاضلة بين زحمة المؤسسات باختلاف أشكالها ومسمياتها وأنواعها وعروضها وتوجهاتها، وسيكون عليه في النهاية أنْ يختار ثم يتكيّف.
الكاتب اليوم عليه أنْ يتحمل الضغط والمهاجمة والاعتراض واختلاف الآراء على ما يكتبه، وعلى نتاجاته التي يطلقها للجمهور.
الكاتب العربي مهمته اليوم مضاعفة بكل المقاييس في ظل وجوده وتغطيته موضوعات لبيئات متضاربة ومحتقنة بصورة ظاهرية أو غير ظاهرية دينياً وفكرياً وإيديولوجياً بشكل عام، مع تنوع هائل بالتوجه السياسي والمستوى الاقتصادي والمستوى التعليمي.
الكاتب المعاصر سيكون عليه أنْ يوفق بين محك حياته الشخصية وحياته العملية، فغالباً ما تقترن الجرأة بالطرح والغرابة في التقديم والجدة في الصياغة تقترن بمستوى مماثل من الخطورة والتهديد الانتهاك.
كاتب اليوم حتماً يجب أنْ يكون مثقفاً بمستوى عالٍ، أنْ يقرأ المؤلفات والمصنفات والدراسات والإحصائيات والاتجاهات في مجتمعه، أنْ يتنبأ وأنْ يُشخص ويعرض ويتناول ما لا يطيق عليه من هو دونه.
على الكاتب أنْ يفهم حقيقةً: أنْ الحرف هو المدخل والآلة لتشكيل الفكرة لدى الآخر، والفكرة هي المحرك للسلوك، الحرف اليوم وسيلة للارتقاء ووسيلة للتدمير، وكتاب اليوم أصناف منهم المستقل وكثير منهم مأجورون.
وعلى الكاتب العصري أنْ يستفيد من الوسائل التي تُتيحها التكنولوجيا اليوم ومن محركات البحث والمصادر ونتاجات من سبق، وأنْ يسعَ للاطلاع على ثقافات أخرى مغايرة لثقافته.
إنَّ صفاتاً مثل الوقاحة والجرأة والفضول الزائد لهي صفات محمودة للكاتب الناجح، ضمن حدود عدم التجاوز المضر طبعاً، إنَّ تطوير أسلوبه للاستفزاز سيدفع الطرف المستَفَز لتقديم كل ما عنده وهو في حالة الانفعال وبهذا تتضح الصورة اكثر واكثر للجميع.
أخيراً وليس آخراً على الكاتب العصريّ اليوم قبل أنْ يبدأ الرحلة أنْ يأخذ وقته ويسأل نفسه بصدق مستعيناً بجردٍ صادقٍ عن قدراته ومهاراته التي يملك وبحيادية وتجرد: هل أريد حقاً أن أكون كاتباً؟
إنْ جاءت الإجابة ب (لا) فأهنئه وأتمنى له مجالاً آخراً أقل مسؤولية واكثر راحة ودعة، وإنْ كانت (نعم) فأهلاً بصديق الطريق العنيد، جهز أسلحتك، وأعدد عدتك، أعد قراءة كل الذي في الأعلى، ولنمضي قدماً.
{إنه عملك، فاغتنم الأحداث حولك، قد يكون سيئاً لكن هذه هي الطريقة الوحيدة التي تمكنك من أن تفعل شيئاً جيداً حقاً} ويليام فوكنر تتحدث عن الكتابة.

#عُبيدة_عصام
#اتحاد_الشباب_العراقي_لكتاب_المقالات

إقرأ أيضا

وظيفة الكاتب العصري
4/ 5
Oleh

اشترك عبر البريد الالكتروني

إشترك في القائمة لدينا وتوصل بجديد المواضيع والقوالب

1 التعليقات:

Tulis التعليقات
avatar
غير معرف
9‏/11‏/2018، 2:30 ص

احسنت لكن، ابتعد عن تكرار لفظة المخَاطب فمقالك معلوم لمن هو موجه،
راقتني عبارة الاستفزاز ؛ فهي الورقة الرابحة للكاتب في جني الحقائق
ونسيت ان تنبه على التحلي بقبول الاراء السلبية والايجابية وكيف يصنع من الرأي السلبي دافع للتقدم ويجعله مصدر تشجيع له ...وكيف يستميل قلوب انداده

تعليق

شاركنا بتعليقك المميز فهو يشجعنا ويساعد على الاستمرار

المقالات الاكثر قراءة