احدث المقالات

عراقُ الحضاراتِ سَيبقى وطني

"عراقُ الحضاراتِ سَيبقى وطني " مقال بقلم " حسين أكرم غويلي "       أعلم بأن ما سأكتبه لن يُغير شيئاً مم...

01‏/12‏/2018

الحكومة الدينية بين النظرية والتطبيق

الكاتب: كاظم عبد الله



"الحكومة الدينية بين النظرية والتطبيق"

       الدين بوصفه نُظمَاً فكرياً متناسقاً يعطي تفسيراً شموليا للكون والحياة والوجود في بعده النظري، وينشأ عن هذا النُظم أبعاد أيديولوجية تحدد للإنسان ما ينبغي فعله في معتركات العمل المختلفة، في كثير من حقول المعرفة، كالمجتمع، والاقتصاد والسياسة، وغير ذلك...، ينبأ في نصوصه الدينية أنباءً واضحاً أن له المكنة والاقتدار على تقديم نظامٍ حكومي متكامل على أسس دينية، يضمن للإنسان نيله لكماله اللائق وسعادته المنشودة، وهذا ما نروم وصفه ب(الحكومة الدينية). ويعد هذا الإنباء مسلّمة أولية، ومقدمة يقينية، عند جميع معتنقي الديانات بوجه عام والإسلام بوجه خاص، لكونه ديناً يدّعي لنفسه الخلود والشمولية.

      لكن الذي نريد بحثه وتنقيبه، هو مدى ملائمة ذلك التأصيل النظري للحكومة الدينية مع تجاذبات الواقع الشرقي المعاصر، كون الشرق البقعة الجغرافية الأكثر خصوبة لامتداد نفوذ الدين الإسلامي العقيدية، وما يواجه ذلك من تحديات وإشكالات منهجية.
فنقول: أننا بالإمكان حصر الأسباب التي تؤدي إلى إضفاء المشروعية على حكومة من الحكومات بسببين رئيسين: فإما أن تكون تلك الحكومة منتخبة من عامة الشعب، باختيارهم ورضاهم، وهذا انسياق واضح مع أسس الديمقراطية. أو تتأتى مشروعية تلك الحكومة من سلطة أعلى تمتلك حق التنصيص والتنصيب بالأصالة كالإله أو من ينوب عنه، وهذا بالضبط ما تريده الأديان إعلانه والسعي إلى تطبيقه.

      لكن هذا التطبيق يواجه عقبة كؤود، ليس بالسهل إغفالها أو تجاوزها، وهي أننا نواجه كمّاً كبيراً، وأكداساً من القراءات الاجتهادية للنص الديني، في تحديد معالم الحكومة الدينية، تصل في غالب الأحيان إلى حد التناقض أو التعارض بين أتباع الديانة الواحدة وحتى بين أبناء المدرسة والمذهب الواحد.

      مع أننا كذلك لا نملك معاييراً أو ضمانات، تضمن لنا واقعية تلك القراءات، ناهيك عن الإجماع عليها. وهذا لا يعني -كما أسلفنا- ثغرة معرفية أو فراغاً تنظيرياً في متن النص الديني، بقدر ما هو فراغ في فهم ذلك النص، وحالة من عدم الوئام بين النص وقارئه. ولا ننسَ أيضاً أن نضع بالحسبان ما سنواجهه في التطبيق من تصادم بين أبناء الأمة الواحدة، وما ينجم عن ذلك الوضع من قتل واقتتال وإفساد للحرث والنسل، كما شاهدنا ذلك جلياً، وما عشناه من مضاعفات تطبيق نظرية الخلافة المشؤومة في واقعنا الإسلامي المعاصر، وما يؤول ذلك إلى إثقال كاهل الأمة وإضعافها.

     وفي الخاتمة أقول: إن هذه ليست دعوى للعلمانية كنظرية بديلة للحكومة الدينية، بقدر ما هي موقف عملي لا يمكن تجاوزه، وخطة وقائية تحفظ للأمة وحدتها، وللدين مكانته في نفوس أتباعه، وكذلك هذا لا يعني البتة، إقصاء الدين مطلقاً عن الواقع السياسي، بل بالإمكان تحكيم قوانينه العامة، وأحكامه الكلية، التي هي محل إجماع واتفاق بما يجتمع مع تسيير المجتمع إلى ما يكون مدعاة للتشارك والسلام.

#كاظم_عبدالله
#اتحاد_الشباب_العراقي_لكتاب_المقالات

إقرأ أيضا

الحكومة الدينية بين النظرية والتطبيق
4/ 5
Oleh

اشترك عبر البريد الالكتروني

إشترك في القائمة لدينا وتوصل بجديد المواضيع والقوالب

شاركنا بتعليقك المميز فهو يشجعنا ويساعد على الاستمرار

المقالات الاكثر قراءة