احدث المقالات

عراقُ الحضاراتِ سَيبقى وطني

"عراقُ الحضاراتِ سَيبقى وطني " مقال بقلم " حسين أكرم غويلي "       أعلم بأن ما سأكتبه لن يُغير شيئاً مم...

18‏/06‏/2019

هل تغلغلت العَلمانية في المجتمعات العشائرية؟


الكاتب: شجاع محمود



"هل تغلغلت العَلمانية في المجتمعات العشائرية؟"

      سأكتب هذا المقال بلغة مبسطة لعلّهُ يصل إلى القارئ بطريقة سلسلة لتوضيح مفهومٍ وصل إلى هذه المجتمعات بطريقة مبهمة ومقصودة، ولستُ هنا في موضع تبني العَلمانية أو الدفاع عنها، وإنما للإجابة عن تساؤل أعتقد من وجهة نظري مشروع لكل فرد يريد معرفته والوقوف على أفكاره ومضامينهِ، فعند الحديث عن العلمانية أو الإشارة إليها في المجتمعات العشائرية ذات البنية التقليدية المحافظة (أحادية التفكير)، يتبادر في الأذهان أنَّ العَلمانية كفرٌ وإلحاد، وتدعو إلى شرب الخمر وفتح البارات والملاهي، ومخالطة الجنسين، كما أنها ضد الدين وتدعو إلى تنحيته جانباً في الممارسات الاجتماعية بين الأفراد، ويدفع بهذا الرأي بعض رجال الدين الذين ربّما لديهم قصور في فهم العَلمانية ومبادئها، أو أنهم يتقصدون على تبني الرأي السلبي للعَلمانية، وذات الأفكار تنطبق على بعض دعاة العَلمانية الذين يرون أن الدين ضد الإنسان.
والحقيقة أن العَلمانية والدين وبجملة بسيطة وبعيداً عن التنظير كلاهما يقودان إلى نفس المبادئ بغض النظر عن الوسائل، والغايات التي تحقق هذه المبادئ. فالدين يقوم على ثلاث مبادئ من ناحية الممارسة الاجتماعية وهي تتمثل في علاقة الفرد مع ربه، وعلاقة الفرد مع نفسه، وعلاقة الفرد مع الآخرين، وهو بذلك لا يختلف عن العَلمانية بشيءٍ يُذكر، لكن ثمة من يسوغ للناس لمآرب خاصة إن العَلمانية تفصل الدين عن الدولة والمجتمع في كافة المجالات.
وبالعودة إلى التساؤل الذي طرحناها في عنوان المقال، ففي الحقيقة أن ثمة مؤشرات أولية تثبت إنَّ العَلمانية قد تغلغلت في جسد تلك المجتمعات، بل أخذ كثيراً من سكانها يتبنونها وفكرياً وعملياً، ويمكن أن نُثبت صحة ما ذهبنا إليه عبر مؤشرات عديدة منها الانتخابات، ونزع بعض النساء النقاب الذي يغطي الوجه، وقيادة النساء للعجلات، ارتفاع نسبة التعليم للذكور والإناث في كافة المجالات، ولم يقتصر على مجال واحد كما كان سابقاً، إذ كان التعليم يقتصر على العلوم الدينية وللذكور حصراً، فضلاً عن ذلك أصبحت توجهات أفراد هذه المجتمعات خارج النطاق العشائري فيما يتعلق بالحوار مع الآخر والزواج من غير النسب ورابطة الدم، وغيرها من الأمور الاجتماعية. أما الأسباب التي دفعت أفراد هذه المجتمعات إلى تبني العَلمانية فهي كثيرة ولا يمكن حصرها بمقال، إلّا أننا سنحاول التقرب منها وتناولها بشيءٍ بسيطٍ، فمنها ارتفاع نسبة تعليم أفراد هذه المجتمعات بعد عام (2003)، والاختلاط الفكري في الجامعات، انتشار وسائل التواصل الاجتماعي التي جعل أفرادها يتواصلون مع العالم الخارجي بفضل التطور التكنولوجي والمعرفي، فضلاً عن عامل مهم ينبغي الإشارة إليه ألّا وهو التطرف الديني الذي عاشتهُ تلك المجتمعات في الأعوام (2006/2007 /2014) وارتكابها أفعال غير إنسانية تم تسويغها إعلامياً وفكرياً على أنها باسم الدين، وهي ليس كذلك لكنها جزء من الممارسات الدينية الخاطئة ذات الأبعاد الاجتهادية الشخصية، وإذا انتقلنا إلى الفئة التي تغلغلت فيها العلمانية فهي تكمن في فئة الشباب؛ وذلك راجع إلى كما ذكرنا آنفاً ارتفاع نسبة التعليم لدى هذه الفئة، واستخدامها لوسائل التواصل الاجتماعي في أغلب الأوقات.
ختاما ينبغي القول أن العَلمانية في هذه المجتمعات واضحة، وأفكارها منتشرة، وليس كل من يتبنى العَلمانية كافراً بقدر ما يدعو إلى تنزيه الدين وإبعاده عن المصالح السياسية، التي لا تترك شيءً مقدساً، أو غير مقدس وتستخدمه لتحقيق أهدافها بغض النظر عن الآثار السلبية الذي يتركه هذا الاستخدام، كما ينغي الإشارة إلى أنَّ العَلمانية تنتشر في مدن هذه المجتمعات أكثر من الأرياف.

#شجاع_محمود
#كُتّاب_سومريون

إقرأ أيضا

هل تغلغلت العَلمانية في المجتمعات العشائرية؟
4/ 5
Oleh

اشترك عبر البريد الالكتروني

إشترك في القائمة لدينا وتوصل بجديد المواضيع والقوالب

شاركنا بتعليقك المميز فهو يشجعنا ويساعد على الاستمرار

المقالات الاكثر قراءة