احدث المقالات

عراقُ الحضاراتِ سَيبقى وطني

"عراقُ الحضاراتِ سَيبقى وطني " مقال بقلم " حسين أكرم غويلي "       أعلم بأن ما سأكتبه لن يُغير شيئاً مم...

01‏/12‏/2018

إسرائيل بين كورش وبوش

الكاتب: عمر سلمان



"إسرائيل بين كورش وبوش"

      يعد الدين اليهودي عصب العنصرية اليهودية، والمتحكم في سلوك الفرد المنتمي لهذه الديانة، وهو دين يختلف اختلافاً بيئياً؛ من حيث طبيعته، ونشأته، وتاريخه، عن الأديان اللاهوتية، والناسوتية التي نعرفها، سواءً في منطقتنا أم على مستوى العالم أجمع، فهو مجموعة من العقائد، والشرائع، والطقوس، وقواعد السلوك، والأخلاق، التي تراكمت، وتبلورت، ونضجت، عبر آلاف السنين، لم تنزل على رجل واحد؛ إذ أن تاريخ النبوة في إسرائيل يواكب التاريخ السياسي والاجتماعي لتلك المجموعة البشرية.
فهناك من اليهود من يرى في الكهنة والأحبار الذين تلو الأنبياء(دانيال، إستير، عزرا، نحميا، ملاكي،...) وغيرهم من أحبار اليهود؛ استمراراً للوحي والنبوة في هذه المجموعة البشرية، بل إن اليهود من طائفة الربانيين يذهبون بهذا الاستمرار بعد انقضاء عصر النبوة! ويظل باب النبوة هذا مفتوحاً عند مؤرخي الفكر الإسرائيلي؛ ليدخل منه أنبياء أنكرهم اليهود، وكفروا بهم، مثل يوحنا المعمدان (النبي يحيى)،(والمسيح عيسى ابن مريم)،-عليهم السلام-، وهناك من غير الأنبياء ممن خدموا اليهود، أنزلتهم التوراة منزلة الأنبياء عند اليهود، بل إن كثيراً من اليهود ممن ألهبت نار الصهيونية أرواحهم، يُبقون باب النبوة هذا مفتوحاً حتى القرن العشرين؛ ليدخل منه (ثيودور هرتزل)، وإلى ما بعد ذلك حتى ظهور (المُخَلِص).
فبعد انتهاء فترة السبي، وخراب بابل، اشتغلت بعض نصوص العهد القديم من التوراة، في تأكيدها، وتنبؤها بخراب بابل، ودمارها، كما ورد في "سفر أرميا الإصحاح الرابع: "فإن الله سيعاقب بابل لتدميرها أورشليم، وسبي شعب الله المختار!".
وكذلك تنبأ (حزقيال) وقد تحققت هذه النبوءات كما يرى اليهود في القرن الخامس قبل الميلاد. عندما ظهر كورش الفارسي، وقضى على الإمبراطورية البابلية، وتغيرت موازين القوى لصالح اليهود الذين تحالفوا معه، واستطاع أن يدمر بابل، ويعيدهم إلى أورشليم، ويعيد بناء الهيكل، فقد أسبغت التوراة على شخصية كورش أوصافاً عديدة، وأنزلته منزلة الأنبياء، بل اجتهدت في وصفه، بأنه المخلص، والمسيح المنتظر، كما ورد في سفر أشعياء: "هكذا يقول الرب لمسيحه كورش، وهو يبني مدينتي ويطلق سبيتي لا بثمن ولا بهدية قال رب الجنود".
ولا مجال للغرابة هنا على ما أقدم عليه كورش؛ إذا ما علمنا أن (كورش) يعود نسبه إلى اليهود من ناحية أمه (أستير) بالإضافة إلى الدوافع السياسية، والاقتصادية التي دفعته إلى تدمير بابل، وكذلك رغبة في امتداد نفوذه في المنطقة، مما دفع به إلى تحرير اليهود، وإعادتهم إلى فلسطين ومساعدتهم في إعادة بناء الهيكل، فظهوره، ومساعدته لليهود، كان في العقيدة اليهودية تحقيقاً لوعد الرب، وتصديقاً للنبوءات أنبيائهم من أسلفنا ذكرهم، الذين رأى اليهود بان الله سيرتب لهم من الفرس خداماً لبيته، وشعبه كما توجب التوراة ذلك، بأن يخدم في البيت المقدس أحد من غير أبناء لاوي بن يعقوب.

      إن المتتبع لتأريخ هذه الجماعة البشرية والمتفحص لعقيدتهم لا يستغرب من لجوء اليهود إلى كورش العصر (بوش الأبن)؛ لتحقيق حلمهم والقضاء على عدوهم، وتحطيم أرث آشور، وبابل والانتقام من أحفادهم؛ لضمان أمن إسرائيل، ووجودها، ورفاة شعبها.
فإذا انتهت مرحلة السبي، والعودة إلى فلسطين، بتحطيم وزوال الإمبراطورية البابلية، فإن مرحلة جديدة من العمل اليهودي قد بدأت مع تحطيم الكيان السياسي، والاقتصادي، والعسكري للعراق بعد عام (2003م) على يد الولايات المتحدة الأميركية، وما يؤكد ذلك هو قول (آرئيل شارون) عندما وصف الحرب الأميركية على العراق بأنها بداية عصر جديد.
فالتاريخ القديم بنصوصه، وأساطيره القديمة يسيطر على المشهد الراهن، وليس من المستغرب أن تُسرق نسخ من التوراة من المتاحف العراقية وتصل إلى إسرائيل، أو يقوم الرئيس الأسبق للولايات المتحدة الأميركية (بوش الأبن) بإهداء خريطة للأراضي المقدسة في العراق، والمناطق المجاورة له إلى صديقه (شارون) ومنها بابل القديمة، كما صرحت بذلك صحيفة (يديعيوت أحرنوت) الإسرائيلية في وقتها.

      على صعيد العلاقات المعاصرة بين إيران وإسرائيل، تُعتبر من العلاقات المتميزة خصوصاً قبل عام(1979م)، حيث اعترفت إيران الشاه بالكيان الإسرائيلي بعد سنتين من قيامه، واستفادت إيران من هذه العلاقة في العديد من المجالات، وعلى رأسها الجانب العسكري، إلّا أن هذه العلاقات سرعان ما تخللتها حالة من العداء، والقطيعة بعد قيام الثورة، في إيران عام(1979م). وبالرغم من ذلك تشير العديد من الدراسات إلى استمرار هذه العلاقات حتى بعد قيام الثورة وإن الكثير من المجريات حدثت بين إسرائيل وإيران خصوصاً خلال الحرب الإيرانية-العراقية، فلم يكن أي انتصار إيراني يقلق تل أبيب، في حين أن النصر العراقي سيعني سيطرة بغداد على الخليج العربي، وهذا ما لا يمكن أن تتحمله الدولة العِبرية، هذا ما أكده قول وزير الخارجية الإسرائيلية الأسبق (ديفيد كيمحي) في تل أبيب في (22/10/2004م) عندما ذكر: "إنَّ العراق دولة عربية، تسعى لتحلّ مكان مصر، باعتبارها رائدة التطلعات العربية، ولذا كان لدينا تخوّف هائل من العراق، ومن نتيجة حربه، مع إيران. أمن إسرائيل كان مهددًا، وشعرنا أننا قد نفعل كل شيء لمنع العراق من الانتصار في الحرب ضد إيران، وكنا على يقين أنّ الأسلحة المقدمة من جانبنا لإيران لا يمكن أن تستخدم يومًا ضد إسرائيل".
فإيران وإسرائيلكما يقول الكاتب الأميركي (تريتا بارسي): "ليستا في صراع أيديولوجي كما يتخيل الكثيرون؛ وذلك كون المصالح الاستراتيجية بين إيران وإسرائيل تتقاطع في أكثر من مفصل، وتحكمها البراغماتية لا غير، بعيدًا عن أي خطاب أيدولوجي".
إذ أنَّ العلاقات الإيرانية -الإسرائيلية يجمعها تاريخ مميز، وعرفان يهودي بالجميل الفارسي، وصل به الحد اليوم إلى إقامة الصروح، وتسمية شوارع، ومناطق، ومؤسسات، في (دولة) الاحتلال باسم الملك الفارسي (كورش) كما إنَّ إيران لم تتخذ موقفاً سلبياً من اليهود القاطنين في أرضها، أو يهود إيران كما فعلت الدول العربية، بل إنَّ اليهود في إيران يتمتعون بكافة الحقوق، ولهم مقعد أو مقعدين في مجلس الشورى الإيراني، ولا نعتقد بأن عدائهما يتعدى ظاهرة التصريحات الإعلامية، إلى الدخول في حالة حرب مسلحة فالخشية الإسرائيلية من إيران؛ مصدرها التمدد الإيراني في المنطقة ومحاولة إيران حيازة الأسلحة النووية، ودعم بعض الأجنحة التي تدين لها بالولاء في الدول العربية، وكذلك رغبة الكيان الصهيوني بإيجاد دول ضعيفة في منطقة الشرق الأوسط؛ لا تشكل تهديداً لأمنه في المستقبل أو تتنافس مع الكيان الصهيوني على قيادة المنطقة، وتحقيق أقصى استفادة من ثرواتها وموقعها وهو ما ينسجم مع سياسة الولايات المتحدة الأميركية على اختلاف إداراتها.
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
للمزيد ينظر
1- حسن ظاظا، الفكر الديني الإسرائيلي أطواره ومذاهبه.
2- علي عبدالجليل، الحرب الأميركية على العراق رؤية يهودية.
3- الملك كوش أو قورش، شبكة المعلومات الدولية، متوفر بصيغة PDF.

#عمر_سلمان
#اتحاد_الشباب_العراقي_لكتاب_المقالات

إقرأ أيضا

إسرائيل بين كورش وبوش
4/ 5
Oleh

اشترك عبر البريد الالكتروني

إشترك في القائمة لدينا وتوصل بجديد المواضيع والقوالب

شاركنا بتعليقك المميز فهو يشجعنا ويساعد على الاستمرار

المقالات الاكثر قراءة