احدث المقالات

عراقُ الحضاراتِ سَيبقى وطني

"عراقُ الحضاراتِ سَيبقى وطني " مقال بقلم " حسين أكرم غويلي "       أعلم بأن ما سأكتبه لن يُغير شيئاً مم...

16‏/02‏/2019

أطلقوا سراح المادة 76 من الدستور

الكاتب: شجاع محمود



"أطلقوا سراح المادة 76 من الدستور"

      تضع الأنظمة السياسية بمختلف أنواعها سواءً كانت برلمانية، ملكية، رئاسية، أو شبه رئاسية (مختلطة) نصوصاً دستورية واضحة للبيان، تتعلق تلك النصوص في آلية تشكيل الحكومات بعد إعلان نتائج الانتخابات، ويوضح الدستور العراقي النافذ لعام (2005) في المادة (76) مراحل تشكيل الحكومة بعد مصادقة المحكمة الاتحادية على نتائج الانتخابات، إذ تشير تلك المادة إلى الآتي:
أولاً: يُكلف رئيس الجمهورية مرشح الكتلة الأكثر عدداً بتشكيل مجلس الوزراء، خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ انتخاب رئيس الجمهورية.
ثانياً: يتولى رئيس مجلس الوزراء المكلف، تسمية أعضاء وزارته، خلال مدة أقصاها ثلاثون يوماً من تاريخ التكليف.
ثالثاً: يُكلف رئيس الجمهورية مرشحاً جديداً لرئاسة مجلس الوزراء، خلال خمسة عشر يوماً عند إخفاق رئيس مجلس الوزراء المكلف في تشكيل الوزارة، خلال المدة المنصوص عليها في البند ثانياً من هذه المادة.
رابعاً: يعرض رئيس مجلس الوزراء المكلف، أسماء أعضاء وزارته، والمنهاج الوزاري، على مجلس النواب ويعد حائزاً ثقتها عند الموافقة على الوزراء منفردين، والمنهاج الوزاري بالأغلبية المطلقة.
خامساً: يتولى رئيس الجمهورية تكليف مرشح آخر بتشكيل الوزارة خلال خمسة عشر يوماً في حالة عدم نيل الوزارة الثقة.
وقد جرت أول انتخابات برلمانية في 15 كانون الأول 2005 بعد إقرار الدستور وتصدرت الكتل الشيعية المكونة للائتلاف الوطني العراقي الموحد نتائج الانتخابات الذي تمكن من تشكيل الحكومة وتسمية (نوري المالكي) رئيساً لها بعد تحالفهِ مع الحزبان الكورديان، ولم تكن المادة 76 موضع خلاف بين الكتل السياسية خلال هذه الدورة؛ بسبب تجمع الأحزاب السياسية على أساس مكوناتي. وبما أن النظام السياسي العراقي الذي تأسس بعد عام (2003) يعتمد على النظام الانتخابي ذو التمثيل النسبي الذي يتطلب تعددية حزبية، فإن هذا يعني عدم قدرة حزب واحد على حصد كل مقاعد البرلمان المطلوبة لتشكيل الحكومة والبالغة(165) مقعداً، فتضطر الكتل السياسية المكونة للعملية السياسية إلى عقد التحالفات أما قبل الانتخابات، أو بعد الانتخابات سواءً كانت هذه التحالفات على أساس وطني، أو مكوناتي(طائفي).
ولهذا أن الخلاف على هذه المادة نشأ في انتخابات (2010) بين كتلة ائتلاف دولة القانون والقائمة العراقية حول الكتلة الأكثر عدداً التي تشكل الحكومة واستمر هذا الخلاف لمدة (6) أشهر؛ وبسبب هذا الخلاف وضعت المادة(76) على ذمة التحقيق حتى أصدرت المحكمة الاتحادية العليا بتاريخ 25/3/2010 رأيها التفسيري بالقرار رقم 25/اتحادية /2010 فسرت بموجبه تعبير (الكتلة النيابية الأكثر عدداً) الوارد في المادة 76 من الدستور وملخص رأي المحكمة بهذا الخصوص (أن تعبير الكتلة النيابية الأكثر عدداً يعني: أما الكتلة التي تكونت بعد الانتخابات من خلال قائمة انتخابية واحدة دخلت الانتخابات باسم ورقم معينين وحازت على العدد الأكثر من المقاعد أو الكتلة التي تجمعت من قائمتين أو أكثر من القوائم الانتخابية التي دخلت الانتخابات بأسماء وأرقام مختلفة ثم تكتلت في كتلة واحدة ذات كيان واحد في مجلس النواب، أيهما أكثر عدداً فيتولى رئيس الجمهورية تكليف مرشح الكتلة النيابية التي أصبحت مقاعدها النيابية في الجلسة الأولى لمجلس النواب أكثر عدداً من الكتلة أو الكتل الأخرى بتشكيل مجلس الوزراء استناداً إلى أحكام المادة 76 من الدستور.
وبغض النظر عن الجنبة السياسية في هذا القرار التفسيري إلّا أنه وللحقيقة عُد في حينها مرجعية دستورية تحتكم إليها الكتل السياسية الفائزة في الانتخابات في ترشيح رئيس الحكومة، إلا أن هذه المادة اعتقلت من قبل التوافق السياسي بين الكتل السياسية في انتخابات (2018) وبدون اتهام يذكر، ولا تزال في أروقة سجون العملية السياسية تنتظر الإفراج عنها وربما عليها الانتظار لمدة أربع سنوات قادمة حتى إجراء انتخابات مجلس النواب المقبلة توافقاً سياسياً يرسخ الحالة الطائفية في البلاد يجعلها رهينة توافقات داخلية، وإقليمية، ودولية تفرض إرادتها في اختيار الكابينة الوزارية، بل ذلك التوافق لم يستطع إكمال تلك الكابينة؛ بسبب صراع الإرادات بين الكتل السياسية وداعميها الأقليميين، ولم يكتفي عند هذا الحد بل عطل ويعطل الدور التشريعي للبرلمان وهذا يعني بقاء القوانين المهمة على رف البرلمان بل أكثر من ذلك أن التوافق السياسي جعل رئيس الحكومة ضعيف يقضي جل عملهُ في إرضاء الإرادات المتصارعة على اعتبار ليس لديه كتلة برلمانية تدعمه وهو أسير التوافقات السياسية، لتلافي ذلك فإن إطراق سراح المادة 76 من الدستور سيسهم في تشكيل حكومة قوية ومعارضة قوية داخل البرلمان، وهذا من المؤمل أن يحقق استقراراً سياسياً ينتج عنه تنمية أقتصادية-اجتماعية.

#شجاع_محمود
#اتحاد_الشباب_العراقي_لكتاب_المقالات

إقرأ أيضا

أطلقوا سراح المادة 76 من الدستور
4/ 5
Oleh

اشترك عبر البريد الالكتروني

إشترك في القائمة لدينا وتوصل بجديد المواضيع والقوالب

شاركنا بتعليقك المميز فهو يشجعنا ويساعد على الاستمرار

المقالات الاكثر قراءة