احدث المقالات

عراقُ الحضاراتِ سَيبقى وطني

"عراقُ الحضاراتِ سَيبقى وطني " مقال بقلم " حسين أكرم غويلي "       أعلم بأن ما سأكتبه لن يُغير شيئاً مم...

03‏/11‏/2018

العراق في المدرك الإسرائيلي

الكاتب: عمر سلمان




"العراق في المدرك الإسرائيلي"

       عندما دقت طبول الحرب، وأرتفع أزيز الطائرات، وسُمع لعلعة الرصاص، وانهالت آلاف القنابل تدك العراق، من البصرة حتى الموصل، وأريق الدم العراقي، ونُشطت الآلة العسكرية الإنگلو-أميركية في تغيير معالم الخريطة، كان من الواضح أن ثمة هناك مرجعية فكرية، تقف خلف هذه الطبول، وأن لحناً قديماً يُعاد توزيعه؛ ليتناغم مع هذا الأزيز، وأن آلية أيدولوجية تحرك الآلة العسكرية.

       فمنذ آشور، وبابل، مروراً بحرب الخليج الثالثة، وحتى وقتنا الحاضر، لم تغب بلاد ما بين النهرين (العراق) عن الذاكرة اليهودية، بل كانت حاضرةً في المدرك والاستراتيجية الإسرائيلية، وحاضنة لتوجهاتها في المنطقة.
إنها توجهات رسمتها أسفار التوراة، منذ مئات السنين يا سادة، وأعادت الشراكة الصهيو-أميركي صياغة هذه الأسفار، بشكل حديث وعصري، بل في شكل مقلوب للأسف، فمن سبي اليهود في بابل، إلى سبي العراق في واشنطن، إنها عقد التاريخ وترسبات الماضي البعيد الغابر، الممتد إلى سنين ما قابل التاريخ، التي تسيطر على الحدث الراهن، وتحصره في دائرة الثأر، فعندما تنادي التوراة في المزمور (137) ((على إنها بابل هناك، جلسنا، بكينا أيضاً عندما تذكرنا صهيون؛ لأنها هناك سألنا الذين سبونا كلام ترنيمة، ومعذبونا سألونا فرحاً قائلين: رنموا لنا من ترنيمات صهيون، كيف نرنم ترنيمة الرب في أرض غريبة؟، إن نسيتك يا أورشليم تُنسى يميني، ليلتصق لساني بحنكي إن لم أذكرك، إن لم أفضل أورشليم على أعظم فرحي يا بنت بابل المخربة طوبى لمن يجازيك جزاءك الذي جازيتنا، طوبى لمن يمسك أطفالك ويضرب بهم الصخرة)).
فلا عجب أن يُحتل العراق وتدمر بغداد، بابل القديمة، ويُخرب شكلها كما خربت هيكلهم ويقتل أطفالها ويُزج بأبنائها في السجون والمعتقلات، كما سُبي أبنائهم على أيدي أسلاف هؤلاء من قبل، بل هي إذا أمكننا القول حرب من أجل إسرائيل، فمن جملة المكاسب التي تحققت للكيان الإسرائيلي هي تقويض قوة عربية كبيرة قد تهدد الأمن الإسرائيلي، (يُذكر إنها القوة الأولى والوحيدة على ظهر البسيطة دكت صواريخها تل أبيب). وضمن تقويض هذه القوة المساحة أمام الكيان الصهيوني للقضاء وتصفية الجهات المعادية للمشروع الصهيوني.
إن ما حدث في العراق خطوة أو معركة من حرب، فطهران والرياض بعد بغداد، ودمشق، وستتلوها خطوات الهدف منها تحجيم القوة العربية والإسلامية في المنطقة، حتى ما كان منها حليف للولايات المتحدة؛ وما الحرب في سوريا والتحركات الأخيرة التي قام بها نتنياهو من زيارة لعُمان إلا دليلاً على ذلك، ومن ضمن المكاسب أيضاً التطبيع وإعادة العلاقات، ونسيان القضية الفلسطينية من الأساس. وبغض النظر عن المكاسب التي تحققت للكيان من هذه الحرب والمبررات، يبقى السؤال قائماً وهو: كيف نظرت التوراة للعراق؟!

      في الواقع هناك الكثير من النصوص الدينية اليهودية التي تتحدث عن بلاد الرافدين التي لا يسعنا المجال لذكرها الآن وإن أخطر تلك النصوص هو ما ورد في سفر التكوين عن بلاد الرافدين في الإصحاح الخامس الوعد الذي قطعه الرب لإبراهيم "عليه السلام"، (في ذلك اليوم قطع الرب مع أبرام ميثاقاً قائلاً: لنسلك أعطي هذه الأرض من نهر مصر إلى النهر الكبير نهر الفرات)، وهذه إشارة صريحة إلى أن الدولة اليهودية تمتد من النيل إلى الفرات، وعدم الاكتفاء بالأرض الفلسطينية، بالإضافة إلى ذلك السبي البابلي وتحطيم الهيكل والقضاء على مملكة يهوذا إلى الأبد، الذي احتفظت الذاكرة اليهودية بفترات الصراع والتدمير الذي أزال ممالكهم والدعاء على كل من ضايق شعب الله المختار كما في المزمور "حيث الدعاء لأجل سقوط جميع من آذو شعب الله المختار وضايقوه"، مما ترك بُعداً نفسياً ترسخ في الذاكرة اليهودية من وقتها إلى الآن، والرغبة في الانتقام ممن دمروا المملكتين والهيكل.

      ومما تقدم يمكننا القول أن التاريخ والدين بالإضافة إلى العوامل السياسية والاقتصادية ما زال يسيطر على الرؤية الإسرائيلية للعراق ومحاولة إبقاءه ضعيفاً ومخرباً وتحييده قدر الإمكان، ومحاولة التغلغل في المجتمع العراقي وإعادة اليهود ذوي الأصل العراقي وهذا ما يفسر اهتمام مراكز الأبحاث ووزارة الشؤون الخارجية الإسرائيلية ومراكز الأبحاث التابعة لها أيضاً بالعراق، فقد أطلقت وزارة الخارجية الإسرائيلية صفحة على فيسبوك تحمل اسم "إسرائيل تتكلم باللهجة العراقية"، وكتبت في صفحتها على فيسبوك “إسرائيل باللهجة العراقية”، أن هناك “تاريخاً حافلاً يجمع اليهود ببلاد الرافدين بعد أن عاشوا فيها أكثر من 2500 عام”. وأضاف الحساب، أن “المتحدرين من بلاد الرافدين لا يزالون يحملون ذكرياتهم ومساهماتهم في بناء العراق الحديث”. وهذا ما يدعم رأينا من أن التاريخ والدين كان وما يزال يتحكم في الرؤية الإسرائيلية لبلاد الرافدين، ومما يؤشر على الخطر هو تعاطي الشباب العراقي بشكل خاص والعربي عموماً لهذه المدونات وتعاطفهم مع الكيان الصهيوني تحت مبررات واهية كانتماء بعض الفلسطينيين إلى الجماعات الإرهابية، غير مدركين لحقيقة النوايا الإسرائيلية.

#عمر_سلمان
#اتحاد_الشباب_العراقي_لكتاب_المقالات

إقرأ أيضا

العراق في المدرك الإسرائيلي
4/ 5
Oleh

اشترك عبر البريد الالكتروني

إشترك في القائمة لدينا وتوصل بجديد المواضيع والقوالب

شاركنا بتعليقك المميز فهو يشجعنا ويساعد على الاستمرار

المقالات الاكثر قراءة