الكاتب: شجاع محمود
"الطبقة المترفة في العراق بعد ٢٠٠٣ الواقع... والتغيير"
من المتفق عليه أن الطبقة المترفة بشكل عام
هي ضد أي تغيير سياسي، واجتماعي يحدث سواءً كان على مستوى النظام أو المجتمع، ولا
سيما إذا علمنا أنَّ هذه الطبقة متغلغلة داخل المجتمع عبر أذرعها أو داخل النظام
السياسي عبر مؤسساته الرسمية، وغير الرسمية، ولو افترضنا جدلاً أن هذه الطبقة تسمح
بالتغيير فيكون هذا التغيير محدوداً بما يُبقي استمرارها لأطول فترة ممكنة، وبعد
عام (٢٠٠٣) عقب الاحتلال
الأمريكي للعراق نشأت الطبقة المترفة تحت عناوين ومسميات مختلفة، الأغلب منها
استخدم الوتر الطائفي لتعزيز وجوده، ومن أجل توضيح الطبقة المترفة في العراق
سنحاول دراستها بجوانبها المختلفة في حدود معينة، إذ تتكون هذه الطبقة من:
أولاً: الطبقة السياسية: تكونت هذه الطبقة بعد عام (٢٠٠٣) من الأحزاب
السياسية العراقية ذات التوجهات الفكرية المختلفة في البنية والمتشابهة في البرنامج.
مثلت هذه الطبقة مكونات العراق المختلفة بتمثيلها سياسياً بنسب متفاوتة حسب
الكثافة السكانية للمكونات من دون الاعتماد على إحصاء سكاني دقيق، عملت الأحزاب
السياسية على اختراق المجتمع وأصبح لها مؤيدين ومروجين لأهدافها، ومشاريعها، اختراق
المجتمع ذلك كان عبر الاهتمام بشريحة معينة كشريحة الشباب، إذ عملت على اختراقه من
خلال المعاهد والجامعات، وكذلك فتح أبواب الانضمام لكوادرها الحزبية، وكذلك العمل
بمؤسساتها الإعلامية، ففي برامجها الانتخابية تنادي كثيراً بالتغيير، بل تحث
المواطنين المشاركة بالتغيير، لكن في الواقع لم يحدث ما كانت تدعوا، ولنكن على قدر
ما من الإنصاف إن بعض أركان هذه الطبقة قد عمل بالتغيير وقد بدى ذلك واضحاً من
خلال تغيير البنية الفكرية لأحزابهم، كما ينبغي الإشارة إلى أن هذه الطبقة متحالفة
مع بعض أطراف الطبقة الدينية التي ساندت الطبقة السياسية.
ثانياً: الطبقة الاجتماعية: الحقيقة يجب أن تقال في هذه الطبقة لها
دوراً كبيراً لا ينسى في استقرار الأوضاع السياسية، والأمنية لمرحلة معينة، لكن
ذلك لا يمنعنا من نقدها عندما نرى فيها جوانب تستحق الوقوف عليها ونقدها، ونقصد
بها قادة الصحوات، ومجالس الإسناد التي أصبحت وسيلة من وسائل السلطة للسيطرة على
المجتمع العراقي وضبطه بالشكل الذي يبقي العشيرة مؤيدة للطبقة السياسية المتحالفة
معها، كان المفترض على الطبقة أن تكون داعمة للطبقة السياسية بالشكل الذي يحقق
مصالح أفرادها، لكنها لم تفعل ما كان يرجوا منها، إذ عملت الحفاظ على مصالحها
الشخصية دون النظر إلى مصالح أفرادها مما جعل طاعتها من أفرادها أمراً صعب المنال،
وهذا ما حدث في انتخابات (٢٠١٨)، إذ لاحظنا تنازلاً واضحاً في سطوه شيخ العشيرة
على أفراد عشيرته.
ثالثاً: الطبقة المثقفة: هذه الطبقة ضد التغيير التدريجي في الأوضاع
السياسية والاقتصادية والاجتماعية؛ لأنها ترى ذلك يؤدي إلى الفوضى ولا بد أن يكون
التغيير المنشود عبر الآليات الدستورية، والقانونية ويكون عبر مراحل وتوقيتات
زمنية، وهناك من يرفض التغيير سواءً كان جذرياً أو تدريجياً، وهذا الاتجاه متحالف
مع السلطة.
وفي الختام ينبغي
الإشارة إلى أن الطبقة المترفة ليس من نسج الخيال بقدر ما هي طبقة موجودة منذ وجود
الإنسان، ودورها حقيقي سواءً كان سلبياً أو إيجابياً، وقد أشار القرآن الكريم في
آياته الكثيرة إلى هذه الطبقة كما أشار إلى حجتهم في وجودهم، وتمتلك الطبقة
المترفة إمكانيات اقتصادية هائلة كما أنها صعب التعامل معها كونها تعمل أغلبها في
الخفاء.
#شجاع_محمود
#اتحاد_الشباب_العراقي_لكتاب_المقالات
الطبقة المترفة في العراق بعد ٢٠٠٣ الواقع... والتغيير
4/
5
Oleh
حسين أكرم غويلي
شاركنا بتعليقك المميز فهو يشجعنا ويساعد على الاستمرار