الكاتب: حسن إبراهيم الجبوري
"آثار نينوى المنسية"
نينوى أسم يختزل جزءاً
عظيماً من التأريخ العراقي، فهي عاصمة الآشوريين وعرينهم ومدينتهم الخالدة، وعلى
ضفاف أنهارها قامت القرى الزراعية في أوليات ظهورها، ولم تك بعيدة عن الحضارة، فقد
كان لها نصيباً وافراً منها، فأولى المكتبات ظهرت في نينوى على يد الملك الآشوري (آشور
بانيبال). تحتوي نينوى في تربتها الطيبة آثاراً كثيرةً، تحكي عن حوادث جسام
مَرت بها وأثرت في التاريخ العراقي القديم. لقد كانت نينوى دوماً مركزاً فكرياً
وحضارياً نيّرياً، كما كانت في ذات الوقت مركزاً اقتصادياً لا غنى عنه، وكان من
الطبيعي ونتيجة لما سبق ذكره أن تزدهر الحركة العمرانية فيها وتشّيد الحصون
والقلاع والقصور، ولكن في فترات لاحقة، ونتيجة لعوامل طبيعية، وجيولوجية، وأخرى إنسانية
فقد اندثرت معظم هذه الآثار. ومن الضروري الإشارة إلى أن هناك مواقع أثرية لم
تستكشف أو لم تطالها يد البحث والتنقيب لحد الآن، ربما بسبب الظروف الاستثنائية
التي يمر بها العراق منذ العام (1980)، ومن أبرز هذه المواقع هي التلال الأثرية
التي تنتشر في بعض قرى ريف نينوى الشرقي أو ما يعرف اصطلاحا "بسهل نينوى"،
وهذه التلال كانت في الأصل حصون أو قصور ثم هُجرت وتعرضت لعوامل التعرية الطبيعية
والجيولوجية وحولت لتلال، والسُكان المحليون يطلقون عليها اسم "رسم" تمييزاً
لها عن التلال الطبيعية، وإذا ما بحثنا عن معنى وأصل مفردة رسم سنجد لها أصلاً
عربياً موغلاً في القدم، وقد استخدمها أمرؤ القيس في معلقته الخالدة فقال واصفا
لحظات حزنة وهو واقف على الطل:
وإن شفائي عبرة مهراقة ... فهل عند رسَم دارس من معُول ويورد (الزوزني)
في تعليقه على البيت شارحاً معنى الرسم بأنه ما أندرس من الآثار.
من الجدير بالذكر أن الأهالي في معظم هذه القرى يتداولون روايات حول
العثور على آنية فخارية قديمة أو أدوات أخرى بعد الحفر في هذه التلال. ومن المؤسف أن
هذه التلال قد استخدمت كمقابر في بعض القرى كما هو الحال في قرية تل عاكوب شرق الموصل.
ختاماً، من المهم جداً الالتفات لهذه الثروة التاريخية المُهملة والتي
لم تطلها يد البحث لينفض الغبار عن صفحات منسية من التاريخ العراقي القديم.
#حسن_إبراهيم_الجبوري
#اتحاد_الشباب_العراقي_لكتاب_المقالات
آثار نينوى المنسية
4/
5
Oleh
حسين أكرم غويلي
شاركنا بتعليقك المميز فهو يشجعنا ويساعد على الاستمرار