احدث المقالات

عراقُ الحضاراتِ سَيبقى وطني

"عراقُ الحضاراتِ سَيبقى وطني " مقال بقلم " حسين أكرم غويلي "       أعلم بأن ما سأكتبه لن يُغير شيئاً مم...

16‏/12‏/2017

"الشباب والتطرف"


    الكاتب: ناظم علي                    



  

                    "الشباب والتطرف"



         كتبَ الكثير عن هذا الموضوع وحيثياته، وأصبح حديث الإعلام، والسياسة، والمفكرين... وصار ملفاً عالمياً يؤرق السِلم والأمن الدوليين.

         بداية أودُّ التطرق إلى بعض الأمور التي حدثتْ قريباً مني
أولها: التي حصلتْ مع أخي الأصغر والذي رفض شخصاً أرادَ العمل عنده في محل الحلويات، والسبب أنه إشترط عليه أنْ يؤدي صلاته في المسجد وليس في المحل. وبعد ذلك علم أخي أن هذا الشاب قد تم طرده من محل للأسواق لانه أخبر الزبون أنَّ إحدى السلع منتهية الصلاحية.
ثانيها: أن أحد المعارف -سُنِّي المذهب- قد تعطلتْ سيارته التاكسي في منطقة ببغداد، واتصل طالباً العون، فذهبتُ إليه بمعية أخيه؛ لفت نظري وشاح أخضر اللون(علگ)، مشدود حول(القير= الگير)، هنا أطلقتُ مُزحة فسألته: كيف تعطلتْ سيارتك وفيها هذا (العلگ)؟. ابتسم عندها وقال لي: يا أخي أنا أعمل في شوارع بغداد، ولا أخفيك أني أخاف على نفسي.


        وبهذا الوقت وصلتْ سيارة نوع (كيا)، وفي مقدمتها صورة كبيرة للشهيد(محمد محمد صادق الصدر) رحمه الله. وترجّل منها رجل خمسيني، أدركتُ إنَّه مصلح السيارات الذي إتصل فيه، وكم كانت دهشتي حينما علمتُ بعدها إنَّ هذا الرجل هو أيضاً سُنِّي المذهب!.

        عرفتُ أنَّ الذي عاشوه من جراء إختطاف وقتل أفراد من ذويهم، والتهجير بعدها هو السبب الرئيس لما قاموا به، كردِّ فعلٍ لفوضى الطائفية.

        إنَّ الإغتراب الذي عاشه الشاب -في الحالة الأولى- يعكس حالة التدين النشط - إنْ صُحَّ التعبير-، والذي تمثل في هذا السلوك التطهري، والمسجد هو بوصلته وخلاصه؛ بغض النظر إنْ كان هناك من يلقنه ويرشده، وهو إبن جيل كامل تتفاوت مستوياتهم في الإلتزام الديني، وهذا النوع سيجعل منه ناقماً على هذا المجتمع بإعتباره خرج عن جادة الصواب (الحلال) إلى طريق الخطأ (الحرام (وإذا أردنا فهم هذا النمط من الناس فعلينا أنْ نرى الأمور بأعينهم، -أي من داخلهم-، لا كما تركز أغلب الكتابات في تناول الموضوع من خارجهم. أما في الحالة الثانية فهي تشير إلى سلوك (التَقِيَة)، والتي توسع فيها تأريخياً الفقهاء الشيعة، لحفظ النفس من الضرر المادي و/أو المعنوي، نتيجة الأخطار التي مروا بها. فقبل العام(2003م) لم نعهد من المسلم "السُنِّي" أن قام بهذا الفعل. وليعذرني القارئ في إستعمال هذه المُسمَيات فالغرض منها الإيضاح لا غير.


          الدين الإسلامي بـ(وَسَطِيته) يَسع جميع المسلمين، إلّا إنَّ تَركة التأريخ الإسلامي، والخطاب المأزوم، الذي أعيد تجديده في عهدنا الحديث من قبل: (إسماعيل الصفوي، ومحمد بن عبد الوهاب) جعل المسلمين في (تَيِه) أوصلنا إلى طريقٍ مسدود. ومؤتمرات التقريب بين المذاهب والأديان لم تصل إلى نتيجة سارّة. لأنَّ الإجماع غائب، والإرادات والنيات ما زالت غير مستقرة.


           ثم إن احداث "الربيع العربي 2011م" كشفت لنا متغير آخر، فكيف خرج هذا الجمهور "السُنِّي" على الحاكم، بالوقت الذي شددت فيه الأدبيات الفقهية الإبقاء عليه حتى لو كان ظالماً؟!. رغم إنَّ الحِراك لم يكن سُنِّياً بحتاً، لأنَّ العَلمانيين والمعارضين السياسيين شاركوا كذلك. وهنا يجب التنبيه إنَّ الذي بررَّ "الخروج" هو ذاته الذي برر "التقية"، وللدقة أكثر إنَّ لا جهة قامت بذلك، وإنَّما هو تصرف طبيعي لأزمات عصفت بالمنطقة عبّرت عن نفسها بشتى المواقف!...


         إنَّ هذا "الفراغ المرجعي" أخذ بالظهور منذ عهد التسعينات من القرن الماضي. فإنَّ رفض السعودية العرض الذي قدمه (أسامة بن لادن) في الإستعانة بمقاتلي القاعدة -إثرالإجتياح العراقي للكويت(1990م)- والسماح بدلاً من ذلك بتواجد القوات العسكرية الأميركية في المملكة السعودية، هو ما أثار غضب (بن لادن) بهذا الوجود على منطقة مقدسة، وقام أنصاره في الجوامع بالدعوة إلى الجهاد ضد الأميركان، وهو ما أقلق) آل سعود) وما كان منهم إلّا المواجهة بالسجن والإضطهاد لهؤلاء، وأنتقل (بن لادن) بعد تحريرالكويت إلى أفغانستان، ولم يبقَ إلّا قليلاً ليذهب إلى السودان(1991-1996م)، وسَحَبَتْ جنسيته السعودية في العام(1994م)، ثم في العام(1996م) رجع مرةً أخرى إلى أفغانستان، ليبدأ تحالف جديد بين طالبان والقاعدة، وتم بمشاركة (أيمن الظواهري) إعلان الجهاد العالمي ضد اليهود والصليبيين عام( 1998م).


         القاعدة لم ينتهي أمرها، وداعش أكثر شراسة وأبقى، وإذا أخمدت ممارساتهم، فإنَّ أفكارهم ستظل في عقول كثير من المسلمين. سواء كانوا في أوربا، أو أميركا، أو آسيا الوسطى، أو غيرها من دول العالم. لا بدُّ أنْ يتم الإصلاح من داخل المنظومة الدينية، وتفعيل النهج الوسطي بين المسلمين، وتعديل المناهج، وغلق القنوات الفضائية الطائفية، وفصل الملف الديني عن السياسي، وإشراك الجميع في هوية المواطنة، وكفالة التدين، قبل أن تضاف دماء جديدة لتنظيم عقائدي أشد فتكاً، أو جيل ضائع لا يعرف ما له وما عليه، إتجاه نفسه أو مجتمعه.


          وليعلم الجميع أن (الموت) في سبيل الله أمرٌ سهلُ المنالِ، ولكن (العيش) في سبيله هو المَحك الأصعب الذي غاب عن كثيرين. فإن الإخلاص في العمل، وقول الصدق، وفعل الخيرات، ومساعدة المحتاج، هي قيم تخلى عنها الكثير من المسلمين، وبقيت صلاتهم وكإنَّها "تمارين سويدية" او عبادة طقوسية يغلب عليها الروتين.

#ناظم_العراق

#اتحاد_الشباب_العراقي_لكتاب_المقالات



نبذة بسيطة عن الكاتب:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الإسم الكامل: ناظم علي.

الولادة ومحلها: (1984م)/ بغداد.

التحصيل الدراسي: بكلوريوس قسم التأريخ/ كلية التربية إبن الهيثم/ جامعة بغداد.

الحالة الإجتماعية: متزوج.

السكن الحالي: بغداد.

الموقع الإلكتروني للكاتب: ناظم العراقي.

إقرأ أيضا

"الشباب والتطرف"
4/ 5
Oleh

اشترك عبر البريد الالكتروني

إشترك في القائمة لدينا وتوصل بجديد المواضيع والقوالب

شاركنا بتعليقك المميز فهو يشجعنا ويساعد على الاستمرار

المقالات الاكثر قراءة