احدث المقالات

عراقُ الحضاراتِ سَيبقى وطني

"عراقُ الحضاراتِ سَيبقى وطني " مقال بقلم " حسين أكرم غويلي "       أعلم بأن ما سأكتبه لن يُغير شيئاً مم...

27‏/10‏/2018

أمننا المركب لا الأحادي

الكاتب: عبد الله ناهض


"أمننا المركب لا الأحادي"

       نسمع ونقرأ هنا وهناك، سواءً على الكثير من منصات الإعلام المكتوب، والمسموع، والمرئي، والافتراضي، أو في تلك الكتابات التي نقرأها في بعض الكتب، أو البحوث، أو المقالات، أو حتى المنشورات على مواقع التواصل الاجتماعي، والمدونات الإلكترونية، والمدونون...، أن هناك من يريد قطع العلاقات العراقية مثلاً: مع إيران، أو تركيا، أو المملكة العربية السعودية، أو الولايات المتحدة الأميركية...، تحت دعاوى أن دولة من هذه الدول أو غيرها تعمل بالضد من أمن العراق ومصالحه؛ لذلك من الواجب واللازم القطيعة معها، ومبررهم في ذلك أنَّهم يودون المحافظة على أمننا.

       أودُّ القول: أن هذه الأقاويل، والدعاوي، والكتابات مهما كان مصدرها، غير صحيحة البتة، إذ أنها تنطلق من منطلق عاطفيًا لا علمي، لسبب بسيط جدا يفقهه غالبية متخصصي العلوم السياسية، والمهتمين بالشأن السياسي والأمني؛ وهو أن الدول في العصر التكنولوجي المعاصر، والذي معه أصبح العالم عبارة عن قرية صغيرة حسب تعبير(مارشال ماكلوهن)، أصبح يصعب عليها إن لم يكن مستحيلاً تحقيق أمنها، بعيداً عن التعاون مع الدول الأخرى، ولا سيما دول الجوار المباشر لها، وهنا يجاور العراق ست دولا وهي: (تركيا، إيران، المملكة العربية السعودية، سوريا، الكويت، الأردن)، فضلاً عن تلك القوى العالمية المؤثرة كالقوة العظمى الولايات المتحدة الأميركية، والقوة الكبرى وروسيا الاتحادية، وهو ما يسميه (باري بوزان) بـ"الأمن الإقليمي المركب"، إذ يرى "أن الأمن ظاهرة علائقية يقوم على علاقات متشابكة، إذ لا يمكن فهم الأمن الوطني لأيَّةِ دولة بمعزل عن الدول الأخرى؛ بمعنى أن هنالك حالة من الاعتماد الأمني المتبادل".

      بناءً على ذلك، العراق مجبر وليس مخير من أجل تحقيق أمنه الوطني، وكذلك وفقًا لمقتضيات المصلحة التي تعد ركنًا رئيسًا في ميدان السياسة، ولا سيما على صعيد التعامل خارجيًا، التعاون مع الدول كافة، وعلى وجه الدقة تلك الدول ذات الجوار المباشر معنا؛ إذ وبالتجربة رأينا كيف أثرت الحرب الدائرة رحاها في سوريا منذ عام(2011) على العراق، وكيف انعكست آثارها متمثلة بدخول (داعش) الأراضي العراقية عن طريقها في حزيران(2014)، والذي أدى إلى احتلاله ثلاث محافظات عراقية، بذلت البلاد الغالِ والنفيس من أجل تحريرها الذي استمر لثلاث سنوات، الانتصار الذي تحقق بتكاتف الشعب، فضلاً عن الدعم الذي لاقته البلاد سواءً من إيران على الصعيد الإقليمي، أو من الولايات المتحدة الأميركية على الصعيد الدولي، وما قدمه التحالف الدولي الذي قادته لمحاربة داعش من جهود كبيرة، لمساندة القوات العراقية على الأرض، كان لها الأثر في هزيمة هذا التنظيم.

      إذًا، لم يتحقق أمننا في هذه الحالة بالجهود الأحادية الوطنية فقط، بل كان للدعم الذي لاقاه العراق من الدول الأخرى دورًا في ذلك، وهذا ما يدعم كلامنا عن "الأمن المركب"، الذي يدحض تلك الأقاويل، التي تدعو لمقاطعة هذه الدولة أو تلك، وهم في الحقيقة ربما لا يعلمون أن الدولة كلما تحسنت علاقاتها مع الدول الأخرى، كان لذلك أثره الإيجابي على أمن البلاد واستقرارها، وهذا بدوره ينعكس إيجابًا على الواقع السياسي، والاقتصادي، والاجتماعي. وبكل تأكيد إن هذا التعاون لا يكون على حساب وحدتنا، وسيادتنا، واستقلالنا؛ وإنما يقوم على أساس التعاون البناء، والاحترام المتبادل بيننا، وبين الدول الأخرى، فضلاً عن فهم كل الأطراف ذات العلاقة لمقتضيات المصلحة المتبادلة التي تجمعهم ولا شيء آخر، قد يفسر على أنه منية، أو أنه فضل من دولة على أخرى، إذ الدولة التي تقدم الدعم، إنما ذلك ينطلق من مصلحتها، التي استدعت الضرورة التعاون مع بقية الدول لتحقيقها، وهنا يكمن جوهر السياسة.

#عبدالله_ناهض
#اتحاد_الشباب_العراقي_لكتاب_المقالات

إقرأ أيضا

أمننا المركب لا الأحادي
4/ 5
Oleh

اشترك عبر البريد الالكتروني

إشترك في القائمة لدينا وتوصل بجديد المواضيع والقوالب

شاركنا بتعليقك المميز فهو يشجعنا ويساعد على الاستمرار

المقالات الاكثر قراءة