احدث المقالات

عراقُ الحضاراتِ سَيبقى وطني

"عراقُ الحضاراتِ سَيبقى وطني " مقال بقلم " حسين أكرم غويلي "       أعلم بأن ما سأكتبه لن يُغير شيئاً مم...

10‏/03‏/2019

الآثار النفسية لمجتمع ما بعد (داعش)



الكاتب: حسين خليل







"الآثار النفسية لمجتمع ما بعد (داعش)"


       وَلّتْ داعش، وعلى الجميع تحمل المسؤولية، وعد الخسائر لحرب خاضها العراقيون بالنيابة عن العالم أجمع، فحجم التضحيات كبيرًا جدًا، وعلى كافة الأصعدة السياسية منها والاقتصادية والاجتماعية. ولا يمكن إحصاء هذا الكم الهائل من الخسائر بكيفية تقليدية، أو أن يكون بنتائج وتوصيات قوامها عدة وريقات في فايل يزين خزنة رئيس الهرم.

هذه التضحيات لا بد لها تأثيرات نفسية وسلوكية على أفراد المجتمع تنعكس على الجمع بصورة مباشرة من خلال الاكتساب؛ إذ من المعروف والمتفق عليه أن الفرد ما إن ينخرط في جمهور معين حتى يأخذ سمات خاصة ما كانت موجودة فيه سابقًا، أي عكسية العلاقة بين الفرد والمجتمع وبالتالي يحدث تبادل في الأدوار بالنسبة للآخذ والعاطي، فالدور الذي يلعبه الفرد في مجتمعه يتأثر في الحالة النفسية والمعرفية وبالتالي ستتأثر تغذية المجتمع من حيث السلوك والأفكار، وهنا ستكون آثار الحروب بشكل عام والحرب على داعش بشكل خاص كونها حرب داخل المدن تأثيرًا مباشرًا على المجتمع ولا بد من حصر انعكاساتها؛ وبالتالي البدء بالبرامج الضرورية للمعالجة.



      بالحقيقة إن آثار حرب داعش على المجتمع والفرد أكثر تعقيدًا مما نتخيل كونها امتدت إلى فئاته كافة، خاصة في المدن التي رفعت فيها راية داعش، أي أن هذه الحرب انعكست على آلاف العائلات التي نزحت إلى المخيمات خاصة الفقيرة منها، والآثار الجسدية أو العضوية للمقاتلين التي تمتد إلى الآثار النفسية والعقلية والتي قد تبقى وتمتد لسنين طويلة، حتى بعد أن تشفى الجراح وتختفي، بالإضافة إلى الكم الهائل من الأطفال الذين تعرضوا لهذه الحرب وما سيعانونه من آثار نفسية، ولما كانت نسبة المتأثرين بالحرب على داعش هي النسبة الأكبر بين المجتمع العراقي على اعتبار أن المناطق التي سيطر عليها داعش تأثرت مباشرة بهذه الحرب، تشير الدراسات إن نسبة كبيرة منهم يحتاجون إلى استشارات نفسية بالإضافة إلى المقاتلين وعوائل الشهداء، وهنا يمكن تصنيف المتأثرين بحرب داعش إلى (النازحين في المخيمات، سكان المناطق المحررة اللذين لم ينزحوا وبقوا تحت تأثيرات داعش مباشرة، النساء اللاتي خضعن إلى الاغتصاب وجهاد النكاح، المقاتلين الذين انخرطوا في صفوف القوات الأمنية والحشد الشعبي وحشد العشائر. (الكثير من البحوث والدراسات توصلت إلى أن الأطفال الذين تعرضوا لمخاطر الحروب وعاشوها معرضين بشكل خطير للإصابة بالمشاكل النفسية والعقلية التي يمكن أن تمتد لسنين طويلة، إن لم تمتد طيلة العمر: عوائل الشهداء، الأرامل والأطفال، معوقين القوات الأمنية والحشد الشعبي.)



      تبدا الآثار الاجتماعية للحرب في غالبية الحالات بتطور الاضطراب النفسي المعروف (باضطراب ما بعد الصدمة) التي يرافقها العديد من العوامل التي يسهل ملاحظاتها وتمييزها كعدم النوم أو الأرق أو الإكتاب والغضب الشديد أو التفكير بالانتحار أو إيذاء النفس أو حالة التوقف عن التواصل الاجتماعي، وصعوبة التعاطي مع الأسرة والوسواس القهري الذي يعد من أكثر الحالات النفسية شدة؛ يكون فيها المصاب في حالة صراع ذاتي دائم من خلال التفكير في الموت أو الجنون أو انهيار كينونته أمام الأقارب والأصدقاء، هذا الصراع يترتب عليه ظهور أعراض الخوف والهلع وفقدان التوازن والتي تجعل الفرد في حالة انعدام للثقة وقلق مستمر تجعله انطوائي إلى حد ما يجعله منعزل عن العالم الخارجي، وهذا الأمر سينعكس على العائلة، وبالتالي المجتمع، إذ أن هذه الحالة تحدث في المجتمعات الطبيعية بنسب عالية فكيف وإذا حدثت في مجتمعات عانت من ويلات الحروب، أي أن النسب ستزداد مقارنة بالظروف الاعتيادية, وهنا بتزايد أعداد المصابين بالحلالات النفسية ستعطل الكثير من الطاقات البشرية التي منتظر منها أن تكون فعالة ومنتجة داخل الجمع.

هذه الآثار تتطلب من الجميع وخاصة الفئات المتصدية للعمل المجتمعي والصحي والمنظمات أن تعمل بجهد للوقوف على هذه الحالات وتحديدها والاستعانة بالخبرات الطبية لعلاجها وفق برامج وضعت من أجل التأهيل النفسي، والتي غالبًا ما تكون ناجحة في معظم الحالات كموضوع البحث من خلال تطوير بعض الأساليب لعلاج اضطراب ما بعد الصدمة منها العلاج المعرفي أو ما يعرف (بالعلاج المعرفي السلوكي)، والذي يعد بالأكثر فعالية إذ تم استخدامه بعد الحرب العالمية على الجنود المشاركين في الحرب، يقوم على تغيير أفكار وسلوكيات المريض السلبية وتحويلها إلى إيجابية من خلال عدة خطوات منها وأهمها: الاعتراف الصريح للمريض بأنه مصاب باضطراب ما بعد الصدمة ومن ثم تحديد الأفكار السلبية وغير الصحيحة وإعادة تشكيل هذه الأفكار من خلال بنيانها على أنها أوهام لا بد من عدم الاستجابة لها، وفي النهاية إعادة التقييم للذات من خلال مكافأتها في حالة حدوث حالة التقدم في الطريق للعلاج وذلك يتطلب منا كمجتمع فتح المؤسسات ومراكز التأهيل النفسي والاعتراف بهذه الحالات على أنها حالات طبيعية يجب التعاطي معها لا تركها تتعاظم وتستفحل، وبالتالي ستنعكس آثارها على الفرد بشكل خاص والمجتمع بشكل عام.



#الحسين_بن_خليل

#اتحاد_الشباب_العراقي_لكتاب_المقالات




إقرأ أيضا

الآثار النفسية لمجتمع ما بعد (داعش)
4/ 5
Oleh

اشترك عبر البريد الالكتروني

إشترك في القائمة لدينا وتوصل بجديد المواضيع والقوالب

شاركنا بتعليقك المميز فهو يشجعنا ويساعد على الاستمرار

المقالات الاكثر قراءة