احدث المقالات

عراقُ الحضاراتِ سَيبقى وطني

"عراقُ الحضاراتِ سَيبقى وطني " مقال بقلم " حسين أكرم غويلي "       أعلم بأن ما سأكتبه لن يُغير شيئاً مم...

03‏/03‏/2018

" المتثاقف ! "

الكاتبة: ايات عادل

     ترى بعضهم يحمل سيجاراً غليظة، وبعضهم يرتدي قبعة كبيرة، والبعض الآخر يسير مُتهكماً، متغطرساً، يحمل كتاباً؛ في الغالب لم يقرأه، نادراً مايرضيه شيء، ناهيك عن كثرة تذمره واستهزاءه بأفكار، وتوجهات من حوله سواء كانت متعلقة بالدين أو بأي أمرٍ آخر يخالف تطلعاته، وكأنه لم يُخلق أحدٌ بذكاءه الخارق، و حذاقته المصطنعة.
نعم، انهم المتثاقفون أو بمعنى آخر (مُتصنعي الثقافة)، أولئك الذين ما إن أمسكوا كتاباً، أو ارتادوا المجالس الثقافية، حتى بدأوا يتنصلون تدريجياً عن كل ماله علاقه بالدين، وكأن الدين، والمفاهيم الدينية، مرتبطة طردياً مع التخلف.

     لا ضير إطلاقاً بأن تصبح مثقف، بل حاول جهد الإمكان أن تقرأ، وتطور من نفسك، أو أن ترتدي ما تريد وما يعجبك، لكن؛ أن تتثاقف، وتحاول أن تكُن فاهماً وملّماً بكل علوم الحياة، وتسفه افكار، وآراء غيرك، متخذاً منها محلاً للسخرية، والإستهزاء!. فهنا يجب عليك التوقف ومراجعة افكارك وكل مايتعلق بالثقافة التي تزعمها.

      إن الأمر لا يقتصر على ذلك فحسب، بل نجد بعضهم لايملكون ثقافة للحوار، أما اختلاف الرأي عندهم فهو لا يقتصر على أن يفسد للود قضية فحسب؛ بل يفسد العلاقة بأكملها!.
يحزنني، ويؤلمني أيضاً أن أرى بعض القرّاء، يشجعون على الإلحاد، والفساد، بل ويصفقون بحرارة لكل مومسٍ، كاذبٍ، وشاذ!، إختلطت جميع المفاهيم عندهم ودخلت في إطار (الحرية الشخصية)
فأيَّ حريةٍ؛ تلك التي يُنادون بها...!؟
وأيَّ حريةٍ؛ تلك التي يطمحون الوصول اليها...!؟

   الأمر الآخر المثير للدهشة، والصدمة، إن مفهوم التثقف، والتحرر، لديهم يعني أن يمارس الفرد أي شيءٍ يرغب به، ويحلو له دون اكتراث لغيره، سواء كان مُخطئاً أم على صواب، وكأننا نعيش في غابة الكل يتصرف كما يحلو له دون تفكير، وادراك، لا يبادر أحدهم بنصح الآخر او ارشاده، خوفاً على ثقافتهم المبجلة من الإنكسار تحت ذريعة التدخل في شؤون الآخرين! وهم جهلوا أن في النصح، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، اجراً كبيراً كما قال الله تعالى في كتابه الكريم " كُنتم خير أُمةٍ أُخرِجت للناس تأمرون بالمعروف، وتنهون عن المنكر، وتؤمنون بالله"(١٠٥)آل عمران. حتى الكتب السماوية تؤكد على ذلك لما فيه خير الأمم وصلاحها.

    لكن يبدو ان هذا الفهم الخاطئ للحرية الشخصية، والمتمثل بممارسة كل شيء قد يخطر على بالهم دون وازع ديني، وأخلاقي، انعكس سلباً على واقعنا المرير، حتى إنهم قد أصبح من الصعب عليهم، أن يميزوا بين الفوضى، والحرية... بين الخطأ، والصواب... بين المنكر، والمباح...كلُ شيءٍ بات مشروعاً!، فقط عليك لكي تصبح مثقف أن لا تتدخل، ولا تنصح، ودع الخلق للخالق!.

    وبالتالي...سينتج لنا مجتمع مفكك، لا يمنعه شيء من الولوج في عالمٍ مليءٍ بالفساد، بل إنه لمن اليسير على أي فردٍ الآن أن لا يقاوم رغباته الدنيئة، وأن لا يرفع من قيمة نفسه عالياً، لأنه متأكد بأن الحرية؛ هي خير غطاء يداري به خيبته، وفشله في أن يكون ناجحاً.

    من وجهة نظري المتواضعة أرى بأنه ليس من شأن المثقف أن يتجادل عن ثبوتية الله، لمجرد إعتقاده بذلك عند قرائته لكتابٍ ما مبني أيضاً على اعتقادات شخص آخر، فهناك ندوات وبحوث دينية، وعلماء في هذا المجال، وتجمعات تخص الأديان، وإثبات الوجود تضطلع بهذا الأمر. المثقف يجب أن يكون دوره إصلاحي، تنويري، مُكرَّس لإرفاد العقل البشري بكل ما ينفعه دون المساس بالقضايا الدينية والأخلاقية.

   واخيراً أود أن أقول بأن الغاية من الثقافة، ليس عرض العضلات أمام الناس،و الشهرة الفارغة التي لا تعود عليك بالنفع المعنوي ، وإنما الإنتفاع المُنجّي للنفس ونفع الآخرين بما ينجيهم، فلا تملأ ذهنك بما لا ينفع بحثاً عن الغرابة والتميز ولا تملأ عقول الآخرين (متعطشي الثقافة) بأفكار منبوذة تنافي الاخلاق، والدين.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الاسم الكامل: آيات عادل اللامي.
الولادة ومحلها: (1992م)/ بغداد.
التحصيل الدراسي: بكالوريوس في القانون/ جامعة بغداد.

الحالة الاجتماعية: متزوجة.
السكن الحالي: بغداد.

إقرأ أيضا

" المتثاقف ! "
4/ 5
Oleh

اشترك عبر البريد الالكتروني

إشترك في القائمة لدينا وتوصل بجديد المواضيع والقوالب

شاركنا بتعليقك المميز فهو يشجعنا ويساعد على الاستمرار

المقالات الاكثر قراءة