احدث المقالات

عراقُ الحضاراتِ سَيبقى وطني

"عراقُ الحضاراتِ سَيبقى وطني " مقال بقلم " حسين أكرم غويلي "       أعلم بأن ما سأكتبه لن يُغير شيئاً مم...

16‏/12‏/2017

"من الشرق الاوسط الكبير الى التسويات السياسية"



الكاتب: ناظم علي



"من الشرق الاوسط الكبير الى التسويات السياسية"

              ليس من عجائب عالمنا أنْ تتنافى ظواهر الأمور مع بواطنها، خصوصاً في جوانبها القانونية، والسياسية، والاقتصادية، والإعلامية. ولا مناص من التفكير الناقد لمّا آلت إليه أوضاعنا. وهذه محاولة عسى ان تلفت اليها اذهان المعنيين ذوي الاختصاص.

         بداية إنَّ ميثاق الامم المتحدة هو بمثابة "دستور" لها إنْ جاز لنا التعبير لهذه المنظمة العالمية. جاء في الديباجة: "نحن شعوب الأمم المتحدة نقرر ونُقِدَّ إلينا على أنفسنا إنقاذ الأجيال القادمة من ويلات الحروب، والتي جرت مرتين في حياتنا-يقصدون الحرب العالمية الاولى والثانية- وجلبت الويلات التي يعجز عنها الوصف..." لم يفلحوا بتحويل هذا الكلام إلى واقع، وقد تنازع العالم بعدها كما هو معروف المد الشيوعي السوفيتي والرأسمالي الاميركي، ليواجه الناس الخوف الحقيقي من التهديد النووي المتبادل. وقد ذكر الأستاذ (حسن نافعة) في كتابه: الامم المتحدة في نصف قرن. -الصادر عن عالم المعرفة الكويتي- أسفه من السلبيات التي لم تعالج، منها المادة(43) التي تلزم الدول الأعضاء قانوناً بأن تضع على نحو دائم قوات سابقة التجهيز تحت تصرف مجلس الأمن. والتي لم تدخل حيز التنفيذ، بل حلت قوة الولايات المتحدة الاميركية محلها. ففي الوقت الذي قامت بمشروع "مارشال" لإنقاذ الدول الأوربية واليابان في العلن، كانت تسعى إلى الهيمنة في الخفاء، من خلال تبعية هذه الدول لها، وألّا تقع فريسة سهلة بأحضان السوفيت، كما إنَّ إنتصار الثورة الإشتراكية في الصين في العام(1949م) جعل إصرار الإدارة الأميركية إبعاد حكومة الصين الشعبية من التمثيل حينما جعلت حكومة تايوان تحل محلها في مجلس الأمن حتى عام( 1971م)!. فضلاً عن تدخلها لصالح كوريا الجنوبية ضد الشمالية عام( 1950م)، وكذا في فيتام الجنوبية ضد الشمالية إلّا أنها فشلت في مسعاها. كل ذلك جرى بإسم الأمم المتحدة. وابتدأت ثورات أوربا الشرقية في(1989م)، وسقوط جدار برلين، واستمرت الأحداث الدراماتيكية إلى سقوط الإتحاد السوفيتي(1991م)، وبدأ للعيان إنَّ التاريخ قد قال كلمته وانتصر في نهاية التاريخ -فرانسيس فوكوياما-. فتحولت تلك البلدان إلى إقتصاد السوق، وأيدت آسيا الوسطى هذا الإتجاه وسارت في الركب، وانتصرت القوة على القانون أخيراً. لقد ضربت أميركا بمعية حلف الشمال يوغسلافيا السابقة بعيداً عن مجلس الأمن، بحجة حماية المسلمين. كما قامت مع بريطانيا بفرض حظر الطيران شمال وجنوب العراق -زمن صدام- كذلك بعيداً عن مجلس الأمن بحجة حماية الأكراد والشيعة.

          مع ظاهر وباطن الأمور تتقعد وتتأزم المشاهد، وتختلط على أولي الألباب. وما عرضته هو مقدمة لموضوعٍ أشدُّ تعقيداً، رغم أوجه التشابه بين حالنا اليوم وحال دول البلقان في نهاية عقد التسعينات من القرن الماضي. صُدِمَ العالم بأحداث الحادي عشر من أيلول(2001م)، وتم إحتلال أفغانستان، بحجة القاعدة والإرهاب. ثم صدر في العام(2002م) تقرير التنمية الإنسانية العربية، كان الشعار المرفوع هو: خلق الفرص للأجيال القادمة . والتي كتبها "نخبويون عرب" بتعاون الأمم المتحدة من خلال البرنامج الإنمائي. وقامت أميركا بغزو العراق(2003م)، ممهدة لمشروع "الشرق الاوسط الكبير" عام(2004م) والذي عرضته على مجموعة الدول الثمان الصناعية. فتبنت هذا التقرير كهدف من اهدافها:
-
تشجيع الديموقراطية والحكم الصالح .
-
بناء مجتمع معرفي .
-
مبادرات في إصلاح التعليم وفرص الاقتصاد...
وأصبح الأمر واضحاً حينما تأسس صندوق الأمم المتحدة لدعم الديمقراطية في العام(2005م)، والذي يمول منظمات المجتمع المدني. هل الامم المتحدة تسير وفق الفلسفة الاميركية؟.

           هنا أذكر في العام(2005م) أنْ حصلت ندوة علمية في الإسكندرية -مصر-، نظمها مركز دراسات الوحدة العربية،عنوانها "دولة الرفاهية الإجتماعية"، وقد شارك المعهد السويدي فيها كتجربة رائدة بهذا المجال. وقدم الحاضرون أبحاثهم، تخللتها التعقيبات والردود، لفتَ إنتباهي أحد الباحثين بقوله: إنَّ من آليات العولمة البلقنة!.
فردَّ عليه رجل من دولة خليجية بقوله: كيف تقول ذلك والولايات المتحدة الأميركية تخطط لقيام الشرق الأوسط الكبير من تركيا إلى باكستان؟.
إلّا إنَّ الأيام وحدها كفيلة بكشف الحقائق بعد ذلك.
         ظهر تقرير التنمية الإنسانية العربية للعام(2009م)، وشعاره: تحديات أمن الإنسان في البلدان العربية. وكأنه توقع فعلاً ما سيحدث, فعصف بنا "الربيع العربي"(2011م) الذي قلب الأمور رأساً على عقب. وخرجنا من التأريخ، لندخل بفوضى ونفق مظلم. وصولاً إلى آخر تقرير للتنمية الإنسانية العربية للعام(2016م) وشعاره: الشباب وآفاق التنمية واقع متغير .
نعم الشباب من كلا الجنسين، هذا ما تصرح به الستراتيجية الجديدة الأميركية، والتي أعدتها (مادلين اولبرايت و ستيفين هادلي ) للعام(2016م)، وهو التقرير النهائي لمجموعة عمل إستراتيجية الشرق الأوسط التابع للمجلس الأطلنطي. فما هذا التناغم العجيب بين الجانبين؟. وانطلق مع تولي ترامب الادارة الاميركية.

         هل نحن ماضون إلى البلقنة؟، والتوجه الجديد في الشرق الأوسط يشير إلى فرض تسويات سياسية في شكل الدول، وإقامة فيدراليات أو كونفدراليات. وتسليم زمام الأمر لجيل جديد بعد ان تم تدمير أجيال الأجداد والآباء. يُردد كببغاء ما تقوله الولايات المتحدة، كونه في غالبه فارغ من المضمون، الوطني والتاريخي. ويفكر بمنطق المهزوم، والإنبهار العولمي.

         ولا يُفهم من كلامي إنني بذلك أميل إلى الجانب الروسي، فهؤلاء ليسوا أقل إجراماً، كما نعرف من تاريخهم.

         ختاماً أقول: لقد أعدوا لنا جيلاً يُناسب حضارتهم، ومدنياتهم، وفلسفتهم؛ لكي يبدأوا به إعادة إعمار الأوطان من جديد. والسؤال يبقى قائماً: هل شعوب الشرق الأوسط هم متوسطي الذكاء، والفهم، والهمة؟ أم سنرى خلاف ذلك؟.

#ناظم_العراقي
#اتحاد_الشباب_العراقي_لكتاب_المقالات

نبذة بسيطة عن الكاتب:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الإسم الكامل: ناظم علي.
الولادة ومحلها: (1984م)/ بغداد.
التحصيل الدراسي: بكلوريوس قسم التأريخ/ كلية التربية إبن الهيثم/ جامعة بغداد.
الحالة الإجتماعية: متزوج.
السكن الحالي: بغداد.
الموقع الإلكتروني للكاتب: ناظم العراقي.

إقرأ أيضا

"من الشرق الاوسط الكبير الى التسويات السياسية"
4/ 5
Oleh

اشترك عبر البريد الالكتروني

إشترك في القائمة لدينا وتوصل بجديد المواضيع والقوالب

شاركنا بتعليقك المميز فهو يشجعنا ويساعد على الاستمرار

المقالات الاكثر قراءة